
ما الذي يحدث للعالم العربي؟ سؤال يرنّ بألم وحيرة في ذهن كل مراقب واعٍ. منطقة ذات إمكانيات هائلة، موحّدة باللغة والتاريخ والإيمان، لكنها اليوم أكثر انقسامًا من أي وقت مضى. الجراح كثيرة، والجبهات متعددة: حروب، أزمات اقتصادية، احتلال، تدخلات أجنبية، والآن… حرب إعلامية شرسة بين دولتين عربيتين كبيرتين: الإمارات العربية المتحدة والجزائر.
في هذه اللحظة القاتمة من تاريخنا المشترك، بينما يعيش الشعب الفلسطيني إبادة جماعية في وضح النهار، ويزداد تهميش العالم العربي على الساحة الدولية، تبدو بعض التصرفات وكأن التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يسعى إلى القضاء على كل شكل من أشكال السيادة العربية — سواء كان بعض الأنظمة العربية في صفهم أم لا.
وكأن كل هذا لا يكفي، ها نحن نشهد انقسامات داخلية تضعف صوت العالم العربي أكثر فأكثر. الخلاف الكلامي والسياسي بين أبو ظبي والجزائر، إذا استمر، قد يتحول إلى شرخ استراتيجي دائم. وهذا ما لا يحتاجه العالم العربي اليوم. ليس في هذا الزمن الملعون الذي يجب أن يكون فيه الاتحاد بوصلتنا الوحيدة، والتضامن سلاحنا الأوحد.
لذلك، نطلق نداءً رسميًا إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الدولة التي تربطها علاقات متوازنة ومحترمة وأخوية مع الطرفين، بأن تستخدم حكمتها الدبلوماسية وتمسكها بوحدة الصف العربي لبدء وساطة عاجلة. سيكون هذا الدور النبيل والضروري تجسيدًا للحياد البنّاء الذي لطالما تبنته موريتانيا في القضايا العربية.
فلا سبيل لمواجهة العواصف الخارجية إلا بمداواة جراحنا بين الإخوة. فالمتربصون بنا لا ينتظرون سوى لحظة تدميرنا الذاتي.
اسلم. حنفي