
حملت المحكمة المختصة في قضايا الفساد تبيبه بنت عالي انجاي المتهمة الرئيسية في قضية اختلاس كبرى هزت البنك المركزي الموريتاني قبل أشهر، كامل المسؤولية عن هذه الفضيحة المالية، وحكمت عليها بست سنوات سجن نافذة مع غرامة مالية.
وقضت المحكمة على المخرج عبد الرحمن أحمد سالم (أحمد طوطو) بالسجن بستة أشهر، حيث أطلق سراحه أمس لكونه قضى سنة تامة في الحبس.
وبرأ القضاء الموريتاني بقية المشمولين في الملف، الذي هز الرأي العام الموريتاني قبل سنة، بعد اختفاء مبالغ مالية ضخمة من خزانة البنك المركزي الموريتاني.
وبينما لم تورط المتهمة الرئيسية في هذا الملف أيا من الأشخاص الذين اعتقلوا معها، فقد أكدت في تصريحاتها للشرطة ولقاضي التحقيق أن ما قامت به من تصرفات كان بأمر من زوجة الرئيس السابق.
وانتقد عدد من المدونين الحكم على تبيبه عالي انجاي، دون أي استدعاء لزوجة الرئيس السابق.
وكتب المحامي محمد ولد أمين منتقدا الحكم “ما زالت هناك أسئلة تنتظر أجوبة.. خصوصا تلك المتمخضة من تصريحات عيشة وصيفة عقيلة الرئيس السابق، وأحد حراسه، وأوامر محافظ البنك في تنفيذ متطلبات الرئاسة الشفوية”.
وأضاف “تبيبه سلمت ملايين اليوروهات لمبعوثي الرئاسة دون أي وثيقة، واستلمت مبالغ من قطع 500 يورو وحولتها لقطع 100 أورو تنفيذا لرغبات رئاسية غير مكتوبة”.
وقال “ضميري منزعج من تجنب المحكمة الخوض في أغوار ملف البنك المركزي، فالعدالة الارتوازية مفزعة ووخيمة”.
وكتبت الإعلامية منى بنت الدي القيادية في حزب التكتل المعارض “أي عدالة عرجاء هذه التي تحكم على امرأة تشكل الحلقة الأضعف في قضية مسؤوليتها على الرؤوس الكبيرة التي كانت تأمرها وتنهاها وهي الآن تسرح وتمرح وترفل في أسمى الوظائف”.
وأضافت “محافظ البنك المركزي هو الذي أمر برفع المراقبة عن الصندوق الذي تتولاه هذه المرأة فهل رأيتم صندوقا لا يراقب ولا يحسب؟ وهو من أمر بتعطيل كاميرات المراقبة وهو من كان يأمر تبيبه لأخذ العملات الصعبة من موظفي الرئاسة وإبدالها بأوراق نقدية أصغر قيمة؛ بالله عليكم ماذا تفعل الرئاسة بالفكة؟”.
وزادت منى “هل رأيتم محافظا من قبل، يتعامل مباشرة مع أصغر موظفة في الصندوق؟ تبيبه كبش فداء للرؤوس الكبيرة التي يجب أن تحاسب في قضية البنك المركزي؛ لو كانت هذه المرأة سارقة من صندوق لما كانت سيارتها خربة ولما كان بيتها صغيرا في أطراف المدينة ولكانت سرقتها قد اكتشفت في أول يوم؛ لو كان البنك المركزي يتبع نظم الرقابة الصارمة التي كان ينتهجها قبل هذه العصابة، لكنها عشرية السوء وأهلها الذين أكلوا هذا البلد أكلا لما ولم نستطع أن نحاسب جميع أطرافه لحد الآن والأكيد أن حسابهم قادم لا محالة”.
وكان البنك المركزي قد رفع في يوليو الماضي، دعوى قضائية ضد موظفته تبيبه عالي انجاي، والمتواطئين معها، ووجه لهم تهمة “الاختلاس وخيانة الأمانة والتزوير واستخدام المزور”، بعد أن اكتشف اختفاء مبالغ من صندوق العملات الصعبة في البنك المركزي الذي كانت تسيره الموظفة تبيبه عالي انجاي، وصلت إلى 938 ألف يورو وقرابة 600 ألف دولار، فيما عثر على عملات مزورة بقيمة 116 ألف دولار و127 ألف يورو.
وأعلن البنك المركزي عن اكتشاف عجز في الصندوق، والعثور على عدد من الأوراق المزورة تحاكي أوراق عملة اليورو، مؤكدا أن مجموع الأموال المختلسة من صناديقه بلغ 935 ألف يورو و558 ألف دولار أمريكي.
وأكد البنك أنه “على إثر تفتيش مفاجئ لأحد الصناديق الفرعية للعملة الصعبة يوم الخميس 2 يوليو 2020، سجلت مصالح التفتيش في البنك المركزي الموريتاني نقصا في موجودات هذا الصندوق”.
وأكد أن “التحريات الأولية التي قامت بها مصالح الرقابة لدى البنك المركزي أظهرت أن عملية الاختلاس ارتكبتها المسؤولة المباشرة عنه، حيث اعترفت بشكل صريح بمسؤوليتها عن هذه الوضعية”.
وأعلن البنك أنه “بادر برفع دعوى قضائية ضد المعنية بتهمة الاختلاس وخيانة الأمانة والتزوير واستخدام المزور، وتمت إحالة الملف إلى وكيل الجمهورية”.
وتحدث البنك عن “نواقص في نظام الرقابة الداخلية تم استغلالها لتنفيذ هذه العملية”، مؤكدا “اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان تطوير ورفع كفاءة نظام الرقابة الداخلية خاصة فيما يتعلق بتأمين موجودات الصناديق الفرعية”.
وشدد البنك التأكيد على “اتخاذه التدابير الضرورية لتعزيز تأمين الموجودات النقدية في الصندوق، والحد من المخاطر المرتبطة بالتعامل مع النقود”.
وعثر المحققون الموريتانيون على نصف مليون دولار أمريكي مزور في خزنة العملة الصعبة داخل البنك المركزي الموريتاني، في أكبر عملية احتيال يكشف عنها في تاريخ البنك الذي تأسس عام 1973