
تواصل في موريتانيا الخميس، الانشغال العام بأزمة نقص مياه الشرب في العاصمة نواكشوط، حيث قدمت الحكومة على لسان وزيرة المياه آمال مولود شروحها لأسباب الأزمة، بينما رفعت أحزاب المعارضة من حدة انتقاداتها لنظام الرئيس الغزواني متهمة حكوماته بإهمال هذه الأزمة وعدم اتخاذ ما يلزم من احتياط لتفاديها. وأرجعت وزيرة المياه والصرف الصحي، آمال بنت مولود، أسباب النقص الحاصل في المياه هذه الأيام على مستوى العاصمة نواكشوط لـ “أسباب مناخية طارئة أدت إلى ارتفاع الطمي، وازدياد الرواسب الباقية المختلطة بالمياه التي تسد الأنابيب”، مؤكدة “أن هذه الحالة تحدث عادة، في مثل هذه الفترة من العام نتيجة للتساقطات المطرية، وغالباً ما تبدأ في آخر شهر يوليو وتبلغ ذروتها أواسط أغسطس، لتنتهي أو تخف حدتها في شهر سبتمبر”.
وأكدت الوزيرة “أن النقص الحاصل في المياه على مستوى بعض أحياء نواكشوط نقص نسبي”، مشيرة إلى “أن المياه السطحية تتأثر بالعوامل المناخية التي تتعرض لها، وهو ما يؤدي لانخفاض الإنتاج بمحطة آفطوط الساحلي التي تمون العاصمة نواكشوط بالماء”.
وتحدثت بإسهاب عن ظاهرة الطمي التي تحدث سنوياً على مستوى نهر السنغال الذي تعالج مياهه وتضخ نحو العاصمة، مؤكدة “أن الطمي في الحالة العادية يكون منحصراً بين 800 و1000 وحدة، ونتيجة لعوامل كثيرة منها التغيرات المناخية، تضيف الوزيرة، فقد ارتفعت نسبة الطمي في السنوات الأخيرة إلى ما بين 2300 و2400”.
وأوضحت آمال مولود “أن مدينة نواكشوط تصلها في الحالة العادية 40 ألف متر مكعب من محطة إديني شرقي العاصمة و120 ألفاً إلى 130 ألف متر مكعب عبر محطة آفطوط الساحلي”. وتحدثت الوزيرة عن إجراءات اتخذتها الحكومة، بينها صيانة وتوسعة وزيادة قدرة الإنتاج، وزيادة خط إضافي للضخ انطلاقاً من محطات الضخ والمعالجة”.
وعن الحلول المتخذة على المدى المتوسط، أكدت وزيرة المياه “أن الحكومة تضع أمامها هدفاً يضمن استمرار تموين العاصمة بالماء حدث الطمي أم لم يحدث؛ وهو ما شمل قرارين، أولهما تنفيذ مشروع خلال 22 شهراً يضمن زيادة إنتاج محطة “إديني” وهو خيار استراتيجي سترتفع عبره نسبة الإنتاج إلى 100 ألف متر مكعب”، والآخر زيادة قدرة إنتاج محطة آفطوط الساحلي، وهو مشروع تعمل الحكومة حالياً على تعبئة الموارد المالية الخاصة به”. وأضافت الوزيرة “أن الحكومة تسعى بالتوازي مع الإجراءات السابقة، إلى تنفيذ مشروع طموح لتحلية مياه المحيط الأطلسي الذي تقع العاصمة نواكشوط على شاطئه، وذلك لزيادة القدرة الإنتاجية حتى يكون البلد قادراً على تجاوز تبعات هذه الظواهر المناخية”.
غير أن الشروح التي قدمتها الحكومة لم تحمها من انتقادات المعارضة، حيث أكد حزب اتحاد قوى التقدم المعارض في بيان له حول أزمة المياه “أن ما تقوم به السلطات مجرد وعود عرقوبية تتحدث فيها الحكومة عن حل نهائي للمشكلة، لكنها اعتادت مع الأسف، على تكذيبها مراراً عبر استمرار الواقع المقلق الذي لم يتحسن”. وأضاف الحزب “أن مقاساة أزمات العطش الحادة كانت وما زالت من النصيب اليومي لجل الولايات الداخلية”، معتبراً “أن معاناة العاصمة نواكشوط بهذه الحدة مؤشر أليم دال على المستوى الفاضح الذي وصل إليه اليوم سوء الحكامة وإدارة شؤون الدولة، كما أنه يكشف عن مستوى عال من الإهمال والفساد، بالمقارنة مع المبالغ الضخمة التي تم ضخها مؤخراً في مختلف المشاريع، والإجراءات المتخذة للتغلب على مشكلة المياه في العاصمة نواكشوط”، وفقاً لبيان الحزب.
وطالب الحزب “بفتح تحقيق جاد من قبل جهات مختصة من خارج القطاع المعني، لكشف حقيقة الأزمة المتكررة، وللكشف عن المعضلة التي تعاني منها الشركة الوطنية للمياه، مؤكداً “ضرورة نتائج التحقيق للرأي العام الوطني”.
ودعا الحزب في بيانه “السلطات إلى تقديم تفسيرات مقنعة للشعب بشأن الفشل الصارخ والمتجدد في توفير المياه للساكنة، رغم التزامات الحكومة السياسية والعلنية والتكاليف الباهظة التي أنفقت لذلك الغرض”.
وأوضح “أن سعر البرميل ارتفع في بعض الأحياء من 800 إلى 2000 أوقية قديمة، وسعر صهريج 5 أطنان ارتفع من 10000 إلى 20000 أوقية قديمة، (1 دولار= 390 أوقية قديمة)، معرباً عن “أسفه الشديد لعدم وجود أفق لتدابير ملموسة يمكن الاطمئنان إليها حلا لهذه الأزمة”.
وأعرب الحزب عن “استغرابه لضياع ما يقارب 50% من المياه المتاحة عند الشركة الوطنية للمياه، بسبب التسربات من شبكات متهالكة تم استبدالها وتُركت مفتوحة لسبب غريب”.
وفي بيان آخر، أكد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) الذي يرأس زعامة المعارضة “أن معاناة المواطنين الموريتانيين تزداد في ظل التعثر الحاصل في إيجاد حلول ناجعة لأغلب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلد، ولا أدل على ذلك -يضيف الحزب- من أزمة العطش الحالية التي طالت أغلب أحياء العاصمة نواكشوط وما صاحبها من ارتفاع فاحش في سعر طن الماء الواحد مع ندرته”.
“إننا في حزب التجمع، يضيف البيان، إذ نندد بهذه الأزمة وتداعياتها الخطيرة على حياة المواطنين لنؤكد على ضرورة تحمل الدولة لمسؤولياتها تجاه الوطن والمواطنين بدل سلوك اللامبالاة والإهمال اللذين طبعا التعاطي الرسمي مع الأزمة الحالية حتى الآن”.
ودعا الحزب الحكومة لـ “التصدي الفوري لحل مشكل العطش في العاصمة والداخل ومحاسبة المسؤولين عن التفريط في توفير الماء الضروري لحياة المواطنين”