فيديو : المسجد الأقصى رمز الإسلام والتاريخ والصمود اكتشف المسجد الأقصى رمز الإسلام والتاريخ والصمود

ثلاثاء, 24/10/2023 - 09:52

يعدّ المسجد الأقصى واحداً من أهم المواقع الدينية والتاريخية في العالم، وهو مقدّس لدى المسلمين، وله تأثير كبير في الشأن السياسي والثقافي في الشرق الأوسط.
يعدّ المسجد الأقصى واحداً من أهم المواقع الدينية والتاريخية في العالم، وهو مقدّس لدى المسلمين، وله تأثير كبير في الشأن السياسي والثقافي في الشرق الأوسط، يقع في قلب مدينة القدس القديمة، يعكس المسجد الأقصى تراثاً ثقافياً ودينياً غنياً، ويحمل في جدرانه الكثير من الأحداث والتجارب التي شكلت تاريخ المنطقة.

في هذا المقال، سنتعرّف تاريخ وأهمية المسجد الأقصى من منظور ديني وتاريخي، وسنلقي الضوء على دوره الحالي في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والمكانة الثقافية التي يحتلها في قلوب المسلمين، كما سنتعرّف هندسة المسجد وتصميمه الرائع.

تاريخ المسجد الأقصى بُني المسجد الأقصى على مر العصور، وشهد عمليات تجديد وترميم متعددة، بدأ بناء المسجد الأقصى في عهد النبي إبراهيم عليه السلام نحو 2000 قبل الميلاد، ومن ثم تولى أبناؤه إسحاق ويعقوب عليهما السلام، وجُدّد المسجد أيضاً في عهد النبي سليمان عليه السلام نحو 1000 قبل الميلاد.

في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عام 15 هـ (636 م)، جرى تنظيف الصخرة المشرّفة وساحة المسجد الأقصى وبناء مسجد صغير جنوبي المسجد الأقصى.

الجامع القبلي وقبة الصخرة بُنيت في فترة متأخرة، إذ بنيت قبة الصخرة على يد عبد الملك بن مروان عام 72 هـ (691 م)، واستُكمل الجامع القبلي في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، ويعد المسجد الأقصى وقبة الصخرة جزءاً مهماً من التاريخ والثقافة الإسلامية.

من بنى المسجد الأقصى ومتى؟

يُشير بعض المؤرخين إلى أن هناك تفسيرات متعددة لبناء المسجد الأقصى الأول، وليس هناك توافق دقيق حول هوية من بناه، بعض الروايات تشير إلى أن أول من بنى المسجد الأقصى هو النبي آدم عليه السلام، وهناك روايات أخرى ترتبط بسام بن نوح أو النبي إبراهيم عليهما السلام.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الروايات تعتمد على تقاليد وقصص قديمة، وقد يكون لها أهمية دينية وثقافية في تقاليد معينة، ولكنها ليس معترفاً بها بشكل رسمي في الإسلام، بشكل عام يُعدّ المسجد الأقصى مكاناً مقدساً في الإسلام، وهو ثالث أقدس مسجد بعد المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة.

المسجد الأقصى بُني قبل الميلاد بأكثر من ألفي سنة، وهو ثاني مسجد وُضِع في الأرض بعد المسجد الحرام في مكة، يُشير دليل ذلك إلى ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وفي هذا الحديث سأل أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وُضِع في الأرض فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: "المسجد الحرام"، ثم سُئل عن المسجد الذي يأتي بعده فأجاب: "المسجد الأقصى" ثم سُئل عن المدة بينهما فأجاب: "أربعون سنة والأرض لك مسجد أينما أدركتك الصلاة فصلِّ".

وصف المسجد الأقصى:

مساحة المسجد الأقصى تبلغ نحو 144 دونماً (الدونم يساوي ألف متر مربع)، ويشكل نحو سدس مساحة البلدة القديمة في القدس.

يتخذ المسجد الأقصى شكل مضلع شبه مستطيل، ويكون طول الضلع الغربي نحو 491 متراً، والشرقي قرابة 462 متراً، والشمالي نحو 310 أمتار، والجنوبي 281 متراً.

المسجد مزيّن بقبة في منتصفه، ويتميز بوجود 11 باباً، إذ يوجد 7 منها في الجهة الشمالية، وباب واحد في الجهة الشرقية، واثنان في الجهة الغربية، وباب واحد في الجهة الجنوبية.

يحتوي المسجد على أربع مآذن، كما يحتوي على عدة أروقة، منها الرواق الشمالي المحاذي لباب شرف الأنبياء والرواق الذي يمتد غرباً من باب السلسلة إلى باب المغاربة.

توجد مزولتان شمسيتان داخل المسجد لمعرفة وقت الصلاة بناءً على وضع الشمس.

ما أبرز المعالم في المسجد الأقصى؟

المسجد الأقصى هو موقع شامل يتضمن عدة مبانٍ ومعالم مهمة، إذ يصل عددها إلى نحو 200 معلم، وهذا وصف موجز لبعض هذه المعالم:

1. قبة الصخرة المشرفة (القبة الذهبية): تقع في الموقع الوسطي للمسجد وتتميز بقبة ذهبية اللون وزخرفات جميلة، يُعتقد أنها تحتوي على الصخرة المشرفة التي صعد منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج.

2. الجامع القبلي (ذو القبة الرصاصية): يقع جنوبي المسجد ويضم 7 أروقة (3 من الشرق و3 من الغرب ورواق أوسط) مدعومة بأعمدة من الرخام، يُستخدم هذا المكان لأداء الصلوات والعبادات.

3. الآبار ومواقع الوضوء: يتميز المسجد الأقصى بوجود 25 بئراً للمياه العذبة، مع مواقع للوضوء.

4. المصاطب: توجد قرابة 40 مصطبة ترتفع عن الأرض بدرجة أو درجتين، وتستخدم للجلوس والصلاة والتعليم الديني، تستوعب جميع الأعمار وكلا الجنسين.

5. أسبلة شرب المياه: من بينها سبيل قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة وسبيل البديري وسبيل قاسم باشا.

بعض الأحداث التي شهدها الأقصى بعد الاحتلال:

بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية والمسجد الأقصى في عام 1967، شهد المسجد الأقصى العديد من الأحداث والتطورات المهمة، ومن أبرز هذه الأحداث:

اقتحام المسجد الأقصى عام 1969

في 21 أغسطس/آب 1969، أقدم متطرفون يهود على حرق جزء من المسجد الأقصى، فيما أصبح يعرف بحادثة اقتحام المسجد الأقصى، هذا الحادث أثار غضباً عربياً وإسلامياً كبيراً وتسبب في تصاعد التوترات في المنطقة.

اندلعت النيران في المسجد، وكادت تصل إلى قبة الجامع، ولكن تمكن المسلمون والمسيحيون من إخماد الحريق على الرغم من تدخل السلطات الإسرائيلية، فيما بعد اتهمت إسرائيل شاباً أسترالياً بأنه المسؤول عن الحريق وأنه ستجري محاكمته، ورغم ذلك تبين لاحقاً أن الحريق نجمَ عن فعل إجرامي بدلاً من تماس كهربائي.

قرار مجلس الأمن الدولي

أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 271 في عام 1969 الذي أدان الحادث، ودعا إسرائيل إلى إلغاء التدابير التي تهدف إلى تغيير وضع القدس، تأكيداً لأهمية المدينة ومقدساتها، نص القرار على أن أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني الدينية في القدس يمكن أن يهدد الأمن والسلام الدوليين.

إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي

استنكرت الدول العربية والإسلامية حريق الأقصى واجتمع قادة هذه الدول في الرباط في سبتمبر/أيلول 1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي وصندوق القدس للدفاع عن القدس ومقدساتها، كما تأسست لجنة القدس للحفاظ على المدينة ومقدساتها الإسلامية ومواجهة جهود التهويد التي قامت بها إسرائيل.

تقسيم أوقات الصلاة

قسّمت السلطات الإسرائيلية أوقات الصلاة في المسجد بين المسلمين واليهود، ما أثار استياءً واحتجاجاً كبيراً.

الحفريات تحت المسجد الأقصى

تعدُّ الحفريات التي تقوم بها جماعة أمناء الهيكل تحت المسجد الأقصى من أخطر الأنشطة التي تهدد المسجد ومقدساته، بدأت هذه الحفريات في عام 1967 بحجة البحث عن هيكل سليمان، وامتدت فيما بعد لتشمل المنطقة تحت ساحات المسجد الأقصى، وقد أنشئ نفق عميق وطويل تحت المسجد استُخدم مكاناً للعبادة اليهودية.

في عام 2016، افتُتحت حفريات جديدة تحت المسجد الأقصى بحضور مسؤولين إسرائيليين بارزين، ما زاد من توتر الوضع واستنكار الجماهير العربية والإسلامية.

إغلاق الأقصى

في 14 يوليو/تموز 2017، أدى المئات من الفلسطينيين صلاة الجمعة في شوارع مدينة القدس المحتلة بعد منعهم من الصلاة في المسجد الأقصى بسبب اشتباكات نشبت، وأدت إلى استشهاد 3 فلسطينيين ومقتل شرطيين إسرائيليين، إذ صدح المصلون بعبارات معارضة للقرارات الإسرائيلية وللتضييق على حرية الوصول إلى المسجد الأقصى، اعتقلت السلطات الإسرائيلية مفتي القدس، وأغلقت المسجد الأقصى، ما أثار توتراً كبيراً، بعدها ركّبت الحكومة الإسرائيلية بوابات فحص إلكترونية عند مداخل المسجد، وهذا الإغلاق كان الأول من نوعه منذ حريق المسجد الأقصى في عام 1969.

انتفاضة الأقصى.. صرخة الحرية والكرامة:

اندلعت انتفاضة فلسطينية ثانية في سبتمبر/أيلول 2000 وأُطلق عليها "انتفاضة الأقصى"، احتجاجاً على زيارة زعيم المعارضة الإسرائيلية اليميني المتطرف أرئيل شارون، إلى باحة المسجد الأقصى بحماية عسكرية إسرائيلية، تصاعدت التوترات عندما رد جنود الاحتلال بشكل عنيف على المحتجين الفلسطينيين، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى بين المدنيين الفلسطينيين.

هذه الواقعة أشعلت الفتيل لاندلاع مواجهات دامية انتشرت في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية وخارجها، وبعد يومين فقط من هذه الأحداث قتل الطفل الفلسطيني محمد جمال الدرة، وصورته وهو يحتضن والده أمام الكاميرات وهما محاصران بين النيران الإسرائيلية، أثّرت بشكل كبير في الرأي العام الدولي، وأصبح رمزاً للانتفاضة الفلسطينية.

في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، انتقلت المواجهات إلى مناطق داخل إسرائيل، إذ نفذ الفلسطينيون إضراباً شاملاً وشاركوا في الاحتجاجات والمواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، واعتُقل العديد من المشاركين وقُتل شخص وأصيب العديد بجروح.

أهمية المسجد الأقصى:

المسجد الأقصى هو المكان الذي أسري إليه النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وذكرت قصته في القرآن، كما كان أولى القبلتين في الإسلام ومركزاً للعبادة والتعليم والاحتفالات الدينية والمراسيم السلطانية.

كم تعادل الصلاة في المسجد الأقصى؟

تعدُّ الصلاة في المسجد الأقصى من الأعمال الدينية المحببة والمشجعة في الإسلام، هناك العديد من الأحاديث والروايات التي تشير إلى فضل الصلاة في المسجد الأقصى، وقد تنوعت الأحاديث النبوية حول مدى تضاعف الأجر الذي يمكن أن يحصل عليه المصلي، إذ وردت روايات تشير إلى أن الأجر يعادل 500 صلاة، وأخرى تقول 250 صلاة.

طوفان الأقصى عاصفة الصمود والتحدي:

كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس نفذت هجوماً مفاجئاً وكبيراً على غلاف غزة، وقاموا بإطلاق مئات الصواريخ على إسرائيل قبل اختراق الحدود، بعد الاختراق تقدمت وحدات القسام إلى مستوطنات الغلاف واقتحمت 11 مستوطنة إسرائيلية على الأقل.

تواصلت الاشتباكات بين القوات الإسرائيلية ومقاومين فلسطينيين في مواقع داخل إسرائيل خلال اليوم الثاني من عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها كتائب عز الدين القسام، التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه شنَّت إسرائيل غارات على مناطق متعددة في قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير منازل.

وأفادت مصادر إسرائيلية بأن عدد القتلى من الجانب الإسرائيلي وصل حتى الآن إلى ما يزيد على 700 شخص على الأقل، بالإضافة إلى أكثر من 2156 مصاباً، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعيين العميد غال هيرش مسؤولاً عن ملف المختطفين والمفقودين، وأكد أن إسرائيل تعيش حالة حرب، وستنتصر فيها.

وفيما يتعلق بقطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 370 شخصاً بينهم 20 طفلاً، جراء الغارات الإسرائيلية على القطاع.

في الختام: المسجد الأقصى ليس مجرد مبنى من الحجر والخشب، بل هو رمز للأمل والتحدي، وهو مكان يجسد القوة والإصرار على البقاء على الحق والعدالة، في هذا المكان نجد أملاً في أن تأتي الأيام بالسلام والاستقرار لهذه المنطقة المقدسة، وأن يكون المسجد الأقصى دائماً مكاناً للعبادة ولقاء القلوب.

لن يتوقف إعجاب العالم بجمال المسجد الأقصى وعظمته، ولن تتلاشى أبداً أهميته الدينية والتاريخية، إنه مكان مبارك نسأل الله دائماً أن يجمعنا في صفوف المصلين في هذا المكان المقدّس، وأن يحقق أمانينا برؤية المسجد الأقصى في سلام دائم.

جديد الأخبار