موريتانيا تحاصر فوضى الأحزاب بالحل

سبت, 21/10/2023 - 12:29

تراجع عدد الأحزاب السياسية في موريتانيا من 105 أحزاب في 2018 إلى 20 حاليا بعد حلّ العشرات منها تطبيقا لقانون الأحزاب السياسية، المتضمن شرط حصول كل حزب على نسبة 1 في المئة على الأقل من أصوات الناخبين في واحد من آخر استحقاقين انتخابيين.

وأصدرت وزارة الداخلية واللا مركزية قرارا بحل خمسة أحزاب سياسية فشلت في تحقيق هذه النسبة خلال آخر استحقاقين انتخابيين، وهما استحقاقا 2018 و2023 للمنافسات الجهوية والمحلية والنيابية، بما يشير إلى الاتجاه نحو تقلص عدد التنظيمات السياسية سواء كانت من المعارضة أو الموالاة، وإلى محاصرة حالة الفوضى الحزبية التي سادت في البلاد بعد المصادقة على دستور 1991 الذي نص على فسح المجال أمام التعددية الحزبية وفتح الباب واسعا أمام السياسيين لأجل تأسيس أحزاب سياسية، حتى تجاوز عدد الأحزاب في موريتانيا 100 حزب سياسي في بلد لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة.

من المتوقع اتجاه الأحزاب الخمسة التي تم الإعلان عن حلها، إلى التظلّم إلى القضاء، وربط ضعف نتائجها بالتقارير التي صاحبت استحقاقات مايو الماضي

في المقابل، لا تخفي أوساط سياسية في نواكشوط خشيتها من أن يتحول القانون إلى أداة لتصفية الحسابات مع بعض الأحزاب المعارضة وإقصاء بعض القوى والتيارات السياسية المناهضة للسلطة القائمة، لاسيما أن هناك من يتحدث عن تراجع واضح في المكاسب الديمقراطية، وأن النظام الحالي يسعى إلى الاستفادة من الانقلابات العسكرية والتحولات الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء في تشديد قبضته على الدولة والمجتمع وعلى المشهد السياسي العام.

وترى تلك الأوساط أن عدد الأحزاب تقلص بشكل كبير، لكن قرارات الحل لن تقف عند حدها، وستستمر خلال الاستحقاقات القادمة بدعوى ضعف النتائج التي يمكن التحكم فيها بظروف الانتخابات والإمكانيات المالية والإعلامية للمرشحين وبمدى نزاهة أجهزة الرقابة ولجان الفرز، وبالتالي بشفافية النتائج المعلن عنها.

واستند قرار الحل إلى قانون صادر في 2012 وتم تعديله في 2018 بهدف الحد من عدد الأحزاب السياسية وإتاحة تمويل أنشطتها الانتخابية بالشكل الملائم وفق وزنها السياسي.

وشمل القرار الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد، الذي أسسه الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع في أغسطس 1991 عقب إقرار التعددية السياسية في البلد بموجب دستور العشرين من يوليو 1991، وتولى إدارة الحكم حتى العام 2005، والذي اكتفى بالحصول على نسبة أصوات بلغت 0.21 في المئة في 2018 و0.61 في المئة في 2023.

كما تم حل حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال بزعامة السعد ولد لوليد، والذي احتضن أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، ورغم ذلك لم يحقق نتائج تذكر في الانتخابات، واكتفى بنسبة 0.12 في المئة 2018 و0.63 في المئة في 2023، وحزب الحراك الشبابي من أجل الوطن، الذي ترأسته الوزيرة السابقة لالة بنت الشريف، وحزب البناء والتقدم (حبت) الذي يرأسه محمد ولد بربص، وحزب الكتل الموريتانية برئاسة عالي ولد عبدالله.

وفي ديسمبر الماضي، أقرت المحكمة العليا شرعية تطبيق الوزارة لقانون يقضي بحل الأحزاب غير الحاصلة على عتبة النسب الانتخابية في انتخابات عام 2018، وهو ما قطع الطريق أمام السجال الحاد الذي عرفته البلاد والنخب السياسية بخصوص إقدام وزارة الداخلية في 2019 على حل 78 حزبا سياسيا من الموالاة والمعارضة من أصل 105 أحزاب مرخصة في البلاد.

الأحزاب الكبرى هي التي تدور في فلك السلطة سواء من باب الموالاة أو المعارضة، وأبرزها تلك التي وقّعت في أوائل أكتوبر الجاري على “الميثاق الجمهوري” مع الحكومة

وبحسب الحكم القضائي، فإنه “يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين لاقتراعين بلديين اثنين وحصل على أقل من 1 في المئة من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع، أو الذي لم يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين”.

وقال وزير الداخلية واللا مركزية محمد أحمد محمد الأمين إن “المعايير التي شرعت عليها الأحزاب كانت قديمة حيث وضعت قبل 40 عاما”.

وأضاف أن “الأحزاب التي تم حلها وفقا للنص القانوني وأقرت المحكمة العليا قرار حلها أودعت كلها تقريبا ملفات طلب تراخيص من جديد لدى الوزارة”، مردفا أن “مصالح الوزارة لديها الآن قرابة 90 ملفا من ملفات الأحزاب السياسية التي تطلب الترخيص”.

ويرى مراقبون أن الأحزاب الكبرى هي التي تدور في فلك السلطة سواء من باب الموالاة أو المعارضة، وأبرزها تلك التي وقّعت في أوائل أكتوبر الجاري على “الميثاق الجمهوري” مع الحكومة.

، وهي حزب الإنصاف الحاكم برئاسة محمد ماء العينين ولد أييه، وحزب تكتل القوى الديمقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب اتحاد قوى التقدم برئاسة محمد ولد مولود، وذلك بهدف تجاوز الخلاف السياسي حول نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي نظمت شهر مايو الماضي، وشككت المعارضة في نتائجها.

ويشير المراقبون إلى إمكانية اتجاه الأحزاب الخمسة التي تم الإعلان عن حلها، إلى التظلّم إلى القضاء، وربط ضعف نتائجها بالتقارير التي صاحبت استحقاقات مايو الماضي، واتهمت السلطات التنفيذية بالتورط في عمليات تزوير واسعة النطاق

جديد الأخبار