الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا

أحد, 01/05/2022 - 00:59

يأتي فاتح مايو 2022 في سياق عالمي خاص يتسم بغزو أوكرانيا الغاشم وغير المشروع من طرف روسيا. وتشهد جميع مناطق العالم في الوقت الراهن نزاعات مسلحة.
وهناك حوالي 60 صراعا مستعرا حاليا، أودى بحياة ملايين الضحايا، من ضمنهم مئات الآلاف قضوا في اقليم تيغراي واليمن وحدهما. وخلال السنوات الأخيرة، أُجبر 25 مليون شخص على البحث عن ملاذ خارج بلدانهم الأصلية وتم تشريد عشرات الملايين معظمهم من البلدان أقل ثراءً داخل حدود أوطانهم.
ان السلام من صميم قيم الاتحاد الدولي للنقابات وجميع منتسبيه في جميع أنحاء العالم. إن الرفض التام لفظائع الحرب يجب أن يقودنا إلى اقامة إطار للأمن المشترك على أساس مبادئ الأمم المتحدة.
ويجب أن يتصدى هذا الإطار للأسباب الأيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية للصراعات والمنازعات، ومحاسبة أولئك الذين يثيرون الفتن ويغذون الحروب ويرتكبون جرائم حرب أينما كانوا.
من جهة أخري فان استمرار جائحة كوفيد 19 والتي لا تزال تحصد أرواح العديد من الضحايا في جميع ساهمت بشكل كبير في الحد من المحنة التي مر بها الكوكب بأكمله خلال العامين الماضيين. وقد لوحظ وجود أمل في درء جميع متحورات هذا الوباء، وهو ما يستلزم العمل على الحفاظ على جميع أنظمة الاستجابة الصحية المطبقة في جميع بلدان العالم.
ومع ذلك، فقد انتهى هذا الوباء من إثبات أن الحكامة العالمية الحالية التي تمليها هيمنة رأس المال واقتصاد السوق، والتي فرضتها السياسات النيوليبرالية منذ نهاية القرن الماضي، قد قادت النظام القائم على أساس تحرير المكاسب الاجتماعية والحقوق الأساسية للعمل، لتحمل إخفاق مرير على نطاق غير مسبوق.
إن تفكيك شبكات الأمان والحماية الاجتماعية، وخصخصة النظم الصحية الوطنية، واقصاء ملايين العمال التأمين الصحي، واللجوء إلى تكديس الأرباح لصالح الأغنياء، وإفقار أكثر من ¾ من البشرية. من خلال القواعد غير العادلة للتجارة العالمية، هي عواقب هذه السياسات الليبرالية الجديدة الخاصة بالعولمة الحالية.
مع فقدان ما يزيد على 250 مليون وظيفة في السنة الماضية بسبب وباء كوفيد 19 و130 مليون وظيفة إضافية معرضة للخطر هذا العام، تدعو الكونفدرالية النقابية الدولية الحكومات إلى خلق فرص عمل هدفًا مركزيًا لضمان الانطلاق وتعزيز الصمود.
يجب أن تظل العمالة الكاملة، المنصوص عليها في دستور المنظمة الدولية للشغل من الأولويات.
وعلى وجه الخصوص، هذا يتطلب:
- زيادة الاستثمار العمومي
- الاستثمار في القطاع العام وإنشاء برامج عامة للتوظيف
- تحفيز خلق فرص عمل ذات جودة
- الاستثمار في التعليم والتدريب
- إضفاء الطابع الرسمي للعمل غير المصنف
ان من مصلحة العمال وأصحاب العمل والحكومات رفع مستوى الصحة والسلامة في العمل إلى مرتبة المبادئ الأساسية لمنظمة العمل الدولية واعتبارها حقًا في مكان العمل.
وهذا هو السبب الذي جعل النقابات العالمية القطاعية منها والوطنية، وكذلك تلك الممثلة في المصانع ومراكز الرعاية والمكاتب في جميع أنحاء العالم، الراغبة في الاحتفال بيوم العمال العالمي، فاتح مايو 2022، يطالبون باتخاذ هذا الإجراء الذي لا غنى عنه والذي طال انتظاره خلال مؤتمر العمل الدولي الثلاثي التمثيل المقرر عقده في يونيو المقبل.
ويجب على الحكومات أن تصادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 155 بشأن السلامة والصحة المهنية، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 161 بشأن خدمات الصحة المهنية (التي تغطي حاليًا 20٪ فقط من العمال)، وأن تنفذها قبل كل شيء، بقدر ما تحدد التدابير العملية التي يتعين اتخاذها للاستجابة إلى المشاكل التي يواجهها العمال وأرباب العمل بشكل يومي.
وبالإضافة إلى ذلك، فانه أمام الأزمة الاقتصادية والغذائية التي تلوح في الأفق في جميع أنحاء العالم، تلك الأزمة الناجمة عن مخلفات وباء كوفيد 19، وكذا عن اندلاع الحرب، لا سيما في أوكرانيا، فليس هنام تعبير أبلغ عن الحاجة الملحة لإبرام عقد اجتماعي جديد من التأكيد الذي صدر عند تأسيس منظمة العمل الدولية قبل أكثر من 100 عام.
وعندما يُحرم الناس من الأمن الاقتصادي الذي يوفره العمل اللائق، وعندما تنتهك حقوق العمال وحقوق الإنسان الأخرى، وعندما لا يكون أمام المليارات من الناس خيار سوى العمل في قطاع الاقتصاد غير المصنف وعندما تحل الأكاذيب والدعاية محل الحقيقة فان الأمل والوعد بحلول السلام يبدو أمرا صعب المنال.
ان نقابات العمال، باعتبارها أعظم قوة ديمقراطية وتمثيلية على وجه الأرض، تقف على خط المواجهة في الدفاع عن الديمقراطية وضمان الحقوق وتجنب الصراع المسلح وتخفيف العواقب المدمرة للحرب على حياة البشر.

وفي بلادنا فان الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا تدعو إلى إعادة توجيه برامج التنمية الاقتصادية من أجل السماح بالقيام باستثمارات عمومية في الاقتصاد الحقيقي، ولا سيما الثروة الحيوانية والزراعة، لخلق فرص عمل ضخمة ونمو مستدام قادر على الحد من بطالة الشباب وتوظيفهم، من خلال إشراك جميع القوى النشطة ولا سيما العمال في احترام وتطبيق المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، وبالخصوص من خلال:
- مراجعة الأجر الأدنى المضمون وكذلك قيمة مؤشر رواتب وأجور موظفي ووكلاء الدولة.
-فتح مفاوضات لإعادة تقييم سياسة الأجور والمزايا الاجتماعية مع النقابات المهنية الأكثر تمثيلا للعمال؛
-قيام السلطات العامة بتنفيذ إجراءات تهدف إلى ضمان التوزيع العادل والعادل للثروة الوطنية، من خلال الاستثمار في الاقتصاد لكل منطقة لتثمين الإمكانات الوطنية؛
-تنظيم أفضل للأسعار في السوق من خلال آليات تموين وتوزيع المواد الغذائية الأساسية التي تراقبها هيئات عمومية.
-توسيع شبكات الأمان والحماية الاجتماعية لجميع طبقات العمال، ولا سيما العاملين في الاقتصاد الريفي، والصيد الحرفي، والتعاقد من الباطن، والمباني والطرق والاقتصاد غير المصنف.
-احترام الحقوق، ولا سيما الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، للسماح للمنظمات المهنية الأكثر تمثيلا للعمال بالدفاع عن عمالهم ومطالبهم وحقوقهم الأساسية في مواجهة الانتهاكات المتعددة والمتعددة الأوجه للنصوص التشريعية والتنظيمية التي تحميهم
-تنظيم انتخابات مهنية لتمثيل المنظمات النقابية بأسرع ما يمكن،
- -الحماية الاجتماعية ، من خلال إنشاء صندوق وطني للحماية الاجتماعية لصالح الفئات الأكثر ضعفاً وهشاشة والمستبعدة من شبكات الضمان الاجتماعي ، ولا سيما العاملين في قطاع الاقتصاد غير المصنف والاقتصاد الريفي. وبكل تأكيد فان مختلف البرامج العمومية التي تم إطلاقها منذ ظهور وباء كوفيد 19 خففت الوضع عن جزء معتبر من المستفيدين من السجل الوطني الموحد، ولكن تظل الحقيقة أنه يجب توسيع شبكات الأمان لتشمل كافة الفئات الاجتماعية الضعيفة التي لا تزال على هامش البرامج الحالية.
- المساواة بالنسبة للنساء وعدم التمييز في التوظيف والاستخدام من خلال الولوج العادل والمنصف للوظائف من طرف الجميع،
تذكر الكونفدرالية مرة أخرى في ظل صعوبة التشغيل وفي هذه الفترة من التآكل الوظيفي أن الوقت حان لعقد مفاوضات اجتماعية ثلاثية حقيقية على أساس الأحكام التشريعية والتنظيمية في هذا الشأن بين الشركاء الاجتماعيين من اجل التوصل إلى حلول مناسبة للانتعاش الاقتصادي والاجتماعي أفضل في البلاد وتحسين الظروف المعيشية والعمل لجميع العمال في بلدنا.

تحث الكونفدرالية في بداية شهر مايو عمال بلدنا على ضمان حماية روح وذاكرة الإنجازات التي ورثوها من زملائهم العاملين في شركة ميفارما سابقا وسنيم حاليا منذ 29 مايو 1968 بعد اضرابهم التاريخي والذين رووا بدمائهم الأرض من أجل استدامة ارث وشعلة تصميم الحركة النقابية الوطنية على لعب دورها الطلائعي في النضال من أجل تحرير شعبنا المتعدد الأعراق والغني بتنوعه من أجل الرفاهية المشتركة لجميع مكوناته الوطنية.
تهنئ الكونفدرالية عمال بلادنا بمناسبة اليوم العالمي الذي للأسف لن تحتفل به التجمعات الضخمة وتطالبهم باحترام التعليمات الصحية المعمول بها.

نواكشوط فاتح مايو 2022
اللجنة التنفيذية للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا

جديد الأخبار