مقابلة مع النقيب العسكري والحقوقي السيد ابريك ولد امبارك

أربعاء, 12/08/2020 - 08:35

تستضيف وكالة "تقدم" الاخبارية في سلسلة المقابلات التي تجري و تنشر بانتظام شخصية هامة تميزت بشكل كبير في مرحلة من تاريخ موريتانيا الحديث و كانت شاهدا خاضرا و محايدا و متبصرا لكل الانظمة الموريتانية التي تعاقبت علي البلاد منذ الثمانيات من القرن الماضي.

 

ويتعلق الامر بالنقيب العسكري والحقوقي السيد ابريك ولد امبار ك الذي اشتهر في حرب الصحراء و بالعمل التطوعي بسواعده و افكاره و زرع في نفوس المواطنين ثقافة حق الوطن علي المواطن في ما يتعلق بالعمل و المجهود المطلوب الذي يجب بذله افرادا و جماعات لترخيص روح المدنية المتحضرة.

 

 ولد النقيب العسكري والحقوقي افي سنة 1948 بأطار عاصمة ولاية آدرار ودرس هناك في الابتدائية و الاعدادية قبل ان يواصل مشواره التعليمي في نواكشوط في مدرسة تكوين المعلمين ثم التحق بعد ذلك بالجزائر وفرنسا كما أن لديه العديد من المداليات وتقلد عدة مناصب

 

كان قائدا قذا وموجها، في زمن الرئيس السابق محمد خونه ولد هيدالة، استطاع بحنكته وتجربته وقوة شخصيته أن يصنع التاريخ عبر مواقفه ودوره الريادي في بناء العاصمة نواكشوط وحركة تهذيب الجماهير.

 

ابريك ولد مبارك يعتبر أيضا ناشط حقوقي وسيأسى، ظل يصدح بأرجائه وتوجهاته حتى بعد تقاعده، قبل ان ينخرط في النشاط الحقوقي ويدخل للجنة الوطنية لحقوق الإنسان بصفته عضوا

 

وكالة "تقدم" الاخبارية التقته وأجرت معه المقابلة السريعة التالية حول الوضع السياسي القائم ووجهة نظره في العديد من الامور التي تحتاج الي رؤية ثاقبة ومتبصرة لتقييمها يشكل اقرب اكثر الي الحقيقة لا يميل الي طرف او زمن ويتحدث بصدق كما يؤمن بالخير لموريتانيا في الحاضر و المستقبل

 

سؤال: ماهو تقويمكم للوضع السياسي الراهن بعد مضي سنة من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟

ابريك ولد امبارك : يطيب لي في البداية ان اشكر وكالة "تقدم" الاخبارية لإتاحة هذه الفرصة للتحدث عن الشأن الوطني الراهن الخصب.

ان الوضعية مرضية علي العموم الا انها تأثرت نسبيا من انعكاسات سياسية و امنية داخلية  لم تكن في الحسبان بعد النجاح الباهر الذي ميز الانتقال السلمي الي السلطة قبل ان تواجه البلاد بعد ذلك جانحة كوفيد -19 والتي ارهقت كاهل اكثر من دولة كبري في العالم فبالأحرى موريتانيا التي كانت تحاول النهوض القوي والسلس من جديد و تصحيح الاختلالات و الاستفادة من النجاجات السابقة و لله الحمد استطاعت رفع هذ التحدي رغم انه لا يزال قائما في دول الجوار مما يستدعي الحذر لتعزيز محاربة المرض الذي اقضي علي حيات اكثر الملايين من البشرية.

ويمكن القول أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نجح في سنته الاولي الصعبة و يتوجه الي تحقيق نجاحات اكثر في السنة الثانية من محكوميته الخمسية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار تشكيلة الحكومة الجديدة وفصل السلطات الذي يبدو جليا.

كما تميزت سنته الاولي بتطبيع المشهد السياسي الذي ظل ساخنا طيلة العقود الماضية وهو انجاز عظيم يذكر و يشكر لما له من انعكاسات علي الاستقرار السياسي و الوحدة الوطنية وتماسك اللحمة الاجتماعية.

 

 

سؤال: ما هو تقويمكم للعلاقة بين الرئيس غزواني بالمؤسسة العسكرية والامنية علما بانكم أدرى بالمعطيات في هذا الشأن بفضل تجربتكم الغنية و الطويلة في هذا الميدان؟

ابريك ولد امبارك : الرئيس يحظى بسمعة متميزة في جميع مفاصل المؤسسة العسكرية دون استثناء ويعود ذلك الي خصاله الأخلاقية و كفاءاته المهنية التي مكنت الجيش من الحصول علي احدث التجهيزات والمعدات العسكرية و كذلك من تكوين عناصره لتكون قادرة علي رفع التحديات الامنية الداخلية و الاقليمية والدولية.

ولا شك ان الرئيس هو صانع المؤسسة العسكرية التي نفتخر ونعتز بها اليوم والتي ابلي فيها بلاء حسنا طيلة السنوات العشرة الاخيرة حتي أوصلها الي ما هي عليه اليوم من تطور ونقدم بشهادة دول الساحل و شركائها الدوليين خاصة فرنسا.

 

 

سؤال: ما رأيكم في الحزب السياسي الذي ينوي حسب الحراك السياسي الراهن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الانخراط فيه كواجهة للعودة من جديد الي المعترك السياسي؟

ابريك ولد امبارك : طبيعة الامور مهما كان المشهد السياسي هي ان الحزب الحاكم يبقي دائما هو الأقوى و هو امر جلي و لا جدال فيه ومما يعزز ذلك ايضا استقطاب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم يوما بعد يوما لرموز هامة من المعارضة الراديكالية التي لمست لدي الجزب الارتفاع عن ممارسة التهميش والاحادية و عدم الانفتاح و الاستهجان و الالمام بالمصلحة العامة.

غير ان الرئيس السابق يمكن بفضل ما يتمتع به من سعة مالية ان يضخ دماء جديدة للحزب الصغير الذي يقال انه ينوي الدخول فيه و الذي يبدو ايضا وجهة محتملة للمغاضبين للنظام الحالي خاصة من المشمولين في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية من وزراء و مديرين و مسئولين سابقين و بالدرجة الاولي الوزراء المقالين مؤخرا من الحكومة

ولدي هنا مآخذ علي الرئيس السابق ولد عبد العزيز الذي أري أنه ارتكب حطأ فادحا عندما حاول اقحام نفسه في المشهد السياسي بعد ان قطع الشك باليقين في اختيار من يخلفه علي رأس الدولة و قرر دعم ترشحه و العمل لفوزه و ايصاله الي الحكم قبل ان يعود الي الواجهة و يستبين للكل انها مسرحية و انه مصرأكثر من أي وقت مضي علي البقاء في النظام من خلال و الاركان العسكرية و المدنية التي كانت مخلصة له في السنوات العشرة الاخير

الخلاف بين ولد عبد العزيز و ولد الغزواني كان في غني عن نفسه لولا رجوع الاول من الخارج و تحريكه للخلايا السياسية والعسكرية و الامنية دون أي اعتبار لولد الغزوني الذي ظل بالعكس مخلصا له مدة مأموريتيه حتي حين كان طريح الفراش وفاقد الوعي و المعارضة تطالب بانتخاب رئيس جديد ليخلفه.

كل هذا في حد ذاته غير منسجم وغير لائق و لاشك انه السبب الاول لما آلت اليه الامور من تفاقم وقطيعة  بين الرجلين التي وصلت بسبب الرئيس السابق الي التوجه الي محاكمة ارث العشرية الماضية بشكل سريع و غير رجعي

 

 

سؤال: تماما في موضوع آخر. ما هي وجهة نظركم في ما يتعلق بجبهة لبوليساريو؟

ابريك ولد امبارك : حرب الصحراء كانت خطا فادحا لموريتانيا التي تكبدت فيها خسائر علي اكثر من صعيد. نعم لقد خسرنا ابنائنا الابرار والباسلين كما ضاعت علينا كذلك الارض. يا لها من خسارة عسى الله ان يعفو عمن ارتكبوها دون استدراك لحقيقة عواقبها الوخيمة التي نجمت عن الاندفاع في حرب كانت البلاد في عني عنها و التي تمكن وطنيون فخورون بموريتانيا من ايقافها مما مكن البلاد من تفادي الانزلاق المتواصل الي مستنقع للصراع بعد ما لحقها من تدهور عسكري و امني خطيرين امام الاطماع الاقليمية و الدولية الممتربصة.

 

 

سؤال: وحول مجموعة دول الساحل الخمسة والتحدي الذي يطرحه الارهاب في شبه المنطقة؟

ابريك ولد امبارك : هذا المشروع لن يبلغ اهدافه علي الاطلاق دون تمويل دولي دائم وكبير.

نعم دول الساحل الخمسة لها ارادة قوية في هذه المجموعة كما ان لديها الوسائل البشرية الكافية الا ان التحدي يتطلب التجهيز والمعدات والتمويل و هو ما ليس بوسعها علما بأن الامن في دول الغرب مرهون بالأمن في هذه المنطقة مما يفسر الاهتمام بدعمه الخجول الي حد الساعة لهذه الدول و التي وجدت نفسها مضطرة الي الاقتصار الي حين الي تامين جوزتها الترابية و حدودها من الارهاب و التطرف و مهربي المخدرات و الهجرة السرية ...

 

 

سؤال: هل من كلمة أخيرة؟

ابريك ولد امبارك: اشكر الشعب الموريتاني علي تمسكه بالوحدة لوطنية و اللحمة الاجتماعية و تبصره البين للمخاطر و المنزلقات التي عصفت ولا تزال تعصف ببعض الدول التي دمرتها الحروب الاهلية ولم يعد لها من اسم بعد ان وصلت الي اعلي القمم غير التشرد و الدمار و المجاعة و الاقتتال و النهب الممنهج لثرواتها من لدن اطراف خارجية

وهي امور تستدعي اليقظة والحذر بسبب تربص اطراف داخلية وخارجية بالبلاد و امتطاء بعد الشكليات و الاحتلالات الاحتمالية التي يمكن التغلب عليها لخلق اجواء مشحونة قد تؤدي لا قدر الله الي ما لا تحمد عقباه  

 

 

سؤال: شكرا لكم سيدي النقيب للوقت الثمين الذي خصصتم للرد علي هذه الاسئلة.

جديد الأخبار