اتفاق الهجرة مقدمة لشراكة واعدة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي

جمعة, 08/03/2024 - 19:16

نواكشوط - يشكل ملف الهجرة مدخلا لموريتانيا لبناء شركة إستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، لاسيما في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها منطقة غرب أفريقيا بأبعادها السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية، ومع احتدام صراع النفوذ بين القوى الكبرى وتشكيل خارطة جيوسياسية جديدة تمتد على منظومة الساحل والصحراء التي تعتبر موريتانيا واحدة من أبرز الاستثناءات فيها كدولة مستقرة.

ووقّعت موريتانيا مساء الخميس مع الاتحاد الأوروبي إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على عدة نقاط من بينها منع تدفق المهاجرين نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا وإعادة المهاجرين الموريتانيين الذين لا يتمتعون بحق الإقامة على التراب الأوروبي.

وتتضمن خطة العمل المتفق عليها تعزيز حضور أبعاد الهجرة والإشكالات العميقة المتعلقة بها عند وضع وتنفيذ سياسات المشاركين، خاصة في مجال التنمية والتشغيل والتدريب والسياسة التجارة والاقتصاد، والإشكاليات المتعلقة بالنوع مع ضمان انسجام تام فيما بينها، وكذلك تعزيز التعاضد والتنسيق بين المبادرات والمشاريع القائمة بين جميع المشاركين.

وتستهدف الخطة توفير الفرص الاجتماعية والاقتصادية للشباب لتعزيز اللحمة الاجتماعية، والتصدي للأسباب العميقة للهجرة غير الشرعية، عبر بلورة آفاق لتشغيل الشباب الموريتانيين، خاصة من خلال التعليم والتدريب المهني والاستثمار، وتحسين المهارات والكفاءات الملائمة لسوق العمل، للشباب في موريتانيا، خاصة الفتيات، وتعزيز الولوج إلى التمويل والقروض الصغيرة، والتدريب ودعم إنشاء الشركات.

موريتانيا ستحصل على مساعدات من الاتحاد الاوروبي تتجاوز 500 مليون يورو إلى جانب مشاريع في قطاع النقل والطاقة

كما تستهدف تعزيز قدرات تحديد وتسجيل وتوثيق طالبي اللجوء في موريتانيا، مع ضمان احترام الإطار الدولي للحماية، وتعزيز قدرات استضافة والتكفل بطالبي اللجوء واللاجئين في ظل احترام حقوق الإنسان، مع إعطاء عناية خاصة للأكثر هشاشة، وتعزيز الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للاجئين وطالبي اللجوء والمجتمعات المضيفة، ودعم جهود موريتانيا في تنفيذ التزاماتها في إطار المنتدى الدولي للاجئين 2023.

وفي سياق الهجرة القانونية والتنقل، تتضمن الخطة تشجيع تنقل الطلاب والباحثين ورجال الأعمال، والعمل على تحسين الأنظمة التشريعية الخاصة بإجراءات منح التأشيرات، بما في ذلك إمكانية إعفاء التأشيرات قصيرة الأمد، أو رسوم التأشيرة، وكذلك خفض مدة تسليم التأشيرات لبعض الفئات من الأشخاص، واستكشاف فرص تعزيز الحركة البينية، عن طريق دعم المعلومات حول سبل الهجرة القانونية، مع مراعاة وضع أسواق العمل، ودعم شبكات المغتربين الموريتانيين في أوروبا ودمج المهاجرين الموريتانيين النظاميين في بلدان إقامتهم، مع تسهيل تحويلاتهم المالية لصالح التنمية المستدامة في موريتانيا.

وبخصوص أيّ إجراء سيتم القيام به من أجل عودة الموريتانيين المتواجدين بشكل غير شرعي في أوروبا إلى بلدهم الأصلي، فإن الاتحاد الأوروبي وموريتانيا ذكّرا بالالتزامات التي أخذاها في اتفاقية (ساموا) التي تربط بينهما، ووعدا بأنهما سيعززان تعاونهما في مجالي العودة وإعادة الدمج مع الحرص على حماية واحترام كاملين لحقوق وكرامة الأشخاص المعنيين.

وفي اطار تسيير ومراقبة وضبط الحدود، جرى الاتفاق على تعزيز وسائل وقدرات السلطات المسؤولة عن تسيير ومراقبة وضبط الحدود، بالتعاون الوثيق بين موريتانيا وفرونتكس طبقا لحاجيات موريتانيا التي تم تحديدها في هذا المجال، خاصة في ما يتعلق بالتجهيز والتدريب، مع احترام سيادة موريتانيا.

وقال الطرفان إن إطار التعاون طويل الأمد للشراكة بينهما المبني على تبادل وجهات النظر والحوار سيتطور مع مرور الوقت على أساس العلاقات القائمة بينهما، وأكدا أن العناصر الواردة في مختلف محاور هذه الشراكة تشكل إطارا واحدا وأنها ستنفذ وفقا لمقاربة متوازنة وشاملة، مشيرين إلى أنه يمكن اتخاذ إجراءات بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، أو بين موريتانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي بصفة ثنائية أو كمجموعة دول أعضاء، أو في إطار مبادرة المجموعة الأوروبية، أو بين موريتانيا وبعض وكالات الاتحاد الأوروبي كوكالات: أفرونتكس، إيروبول، ووكالة الاتحاد الأوروبي للجوء.

ويعتزم الطرفان الاجتماع بانتظام، وذلك بتناغم مع إطار الهيئات القائمة في مجال الحوار والتعاون، من أجل تحديد المسائل ذات الاهتمام المشترك، ومتابعة تنفيذ التعاون، وعند الضرورة، إعادة النظر في الأولويات، طبقا لإستراتيجياتهما المتناغمة في مجال الهجرة.

وسعيا إلى تكريس إطار التعاون، أكدا نيتهما التعاون بشكل عملي، بما في ذلك إدماج الشركاء والفاعلين المختصين المتواجدين في موريتانيا، عبر أطر وقنوات التشاور القائمة، واتفقا على التنسيق لكافة جهودهما والعمل على استحداث خطة عمل مناسبة يتم تحيينها بانتظام، وشددا على أن الهدف الحصري من خطة العمل هو توجيه التعاون العملي بينهما، ولذلك ستبقى قابلة للتطوير، والأنشطة التي تم ذكرها هي مجرد أمثلة سيخضع تنفيذها للحوار والتبادل المنتظم، وسيتم تحيينها مع التقدم في إنجازها وحسب الحاجات المطلوبة.

ومن أجل تنفيذ المبادرات المدرجة في خطة العمل، وعدت موريتانيا والاتحاد الأوروبي بالعمل على تعبئة الوسائل المالية والفنية، وبخصوص الاتحاد الأوروبي فإنه سيأخذ بعين الاعتبار توزيع المسؤوليات بين دوله الأعضاء، مشددين على أن أحكام هذا البيان المشترك وخطة العمل لا تهدف إلى خلق أيّ حقوق أو التزامات مرتبطة بالقانون الدولي أو القانون الوطني.

ووقع الاتفاق وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني محمد أحمد ولد محمد الأمين، وإيلفا يوهانسون المفوضة الأوروبية للهجرة والشؤون الداخلية.

وقال وزير الداخلية الموريتاني إن الزيارات المتتالية للوفد الأوروبي لنواكشوط «مكنت من تصور وتحضير الإعلان المشترك، الذي تم توقيعه، ضمن المحطة الخامسة في هذه الديناميكية المتواصلة، والذي هو بمثابة وثيقة مرجعية بهذا الخصوص». وأضاف أن هذه الشراكة متعددة الجوانب تشمل مكونات اقتصادية ودبلوماسية وأمنية، وفي مجال الهجرة الشرعية نحو أوروبا لصالح الموريتانيين، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، واللاجئين.

من جانبه أكد وزير الاقتصاد الموريتاني عبدالسلام ولد محمد صالح إن بلاده لن تكون وطنا بديلا للمهاجرين غير النظاميين الأجانب ولن تستقبلهم ولن تؤويهم، فيما أبرزت المفوضة الأوروبية للهجرة والشؤون الداخلية أن موريتانيا «شريك مهم للاتحاد الأوروبي، ولاعب إستراتيجي في المنطقة»، مشيرة إلى أن ظاهرة الهجرة تشكل تحديا عالميا، على اعتبار أن كل دول العالم معنية بمعالجتها.

وستحصل موريتانيا على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وإسبانيا تتجاوز 500 مليون يورو وتعهدات بإقامة مشاريع في مجال النقل والطاقة الكهربائية

الحبيب الأسود
صحيفة العرب

جديد الأخبار