الجاليات الأفريقية وقود الاحتجاجات في موريتانيا

سبت, 03/06/2023 - 12:04

شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط بداية الأسبوع الجاري أعمال شغب عنيفة، بعد وفاة شاب يدعى عمر جوب وهو من أصول أفريقية وكان محتجزاً بأحد المقار الشرطية، إذ اتهم أهله عناصر الشرطة بقتله، وتزايدت المواجهات بين قوات الأمن وشباب من المكون الأفريقي الموريتاني الذي ينحدر منه.

الشاب الثلاثيني ينحدر من منطقة الضفة، حيث تقطن القبائل الموريتانية ذات الأصول الأفريقية، وهو ما سبب موجة غضب في هذه المنطقة، لكن اللافت هو دخول جاليات من دول أفريقية في التظاهرات، وهو ما رفضته سلطات موريتانيا وحذرت منه، ورحلت أفراداً منهم، إذ قالت مصادر إعلامية محلية إنهم شاركوا في تظاهرات بمدينة ازويرات بالشمال الموريتاني.

 

تحذير واضح

مثلت موريتانيا ملاذاً لآلاف الشباب من دول أفريقيا جنوب الصحراء، إذ يعيش في المدن الموريتانية الكبيرة جاليات من السنغال ومالي وغينيا وبنين وغانا، يعمل أغلبهم في مهن موقتة وعينهم على زوارق الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من مدينة نواذيبو تجاه جزر الخالدات في إسبانيا.

وتشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى وجود مليون أفريقي على الأراضي الموريتانية، وهو ما أثر في مشهد الاحتجاجات التي شهدتها بعد أحداث وفاة جوب، إذ اتهم الأمن الموريتاني هذه الجاليات بمشاركة "عدد منها في أعمال الشغب، متعهدة بإحالة أي أجنبي مشارك فيها على القضاء".

وأكد الناطق باسم الحكومة الموريتانية أن بلاده "ستضرب بيد من حديد على كل خارج على القانون"، لافتاً إلى أن بلاده "فتحت صدرها لجميع المقيمين فيها".

ويرى مدير وكالة الصحافة الموريتانية عبدالله اتشفاغ المختار أن المقيمين الأفارقة في موريتانيا يشكلون هاجساً أمنياً بدرجة أقوى من تهديدهم لدول المنطقة مثل تونس والمغرب، موضحاً أنه لا يستبعد اتخاذ إجراءات تحد من الداخلين إلى موريتانيا.

وأضاف عبدالله "المنطقة التي وقعت فيها حادثة وفاة الشاب ذات كثافة أجنبية كبيرة، فاختلط الحابل بالنابل"، مشيراً إلى عديد من "فيديوهات التخريب، التي يظهر فيها أجانب من دول الجوار، أو من يبثون مقاطع التحريض عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي".

 

توقيف وترحيل

 

وعمدت السلطات الموريتانية إلى قطع خدمة الإنترنت عن الهواتف الخلوية في البلاد لتخفيف انتشار الإشاعات والتحريض الذي أعقب وفاة الشاب جوب مساء الإثنين الماضي.

 

وفي أقصى الشمال الموريتاني أوقفت السلطات 22 شخصاً بينهم أجانب على خلفية الأحداث الأخيرة، ووفق مصادر إعلامية محلية فإنه من بين الموقوفين 12 أجنبياً بينهم ثمانية ماليين وثلاثة سنغاليين وكونغولي.

 ولفتت المصادر إلى أنه تقرر ترحيل الموقوفين الأجانب إلى بلدانهم، بعد اتهامهم بالمشاركة في الاحتجاجات وأعمال الشغب الأخيرة وإتلاف ممتلكات عمومية.

بدورها حثت السفارة المالية في نواكشوط مواطنيها الموجودين في موريتانيا على اليقظة وتجنب المشاركة في هذه الأحداث.

وبحسب القانوني الأفظل محمد سالم فإن القانون الجنائي الموريتاني ينص في المادة 103 على أنه "يجوز الحكم بحظر التراب الوطني على كل أجنبي قضى بإدانته بحمل سلاح ظاهر أو مخبأ استعمله في تجمهر أو أثناء تظاهر بمناسبة اجتماع".

ويضيف الأفظل "توصي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المقيمين الأجانب باحترام القوانين الداخلية للبلدان التي يقيمون فيها، وهو ما لم ينتبه إليه هؤلاء الموقوفون على خلفية الأحداث الأخيرة ".

وحول سؤال الحقوقي أحمد الوديعة عن الإجراءات المتخذة في حق المقيمين الأفارقة، وهل هي بداية للتضييق عليهم، قال إن "الموضوع يتطلب مقاربة تستحضر طبيعة ساكني البلد المتنوع عرقياً، وكذلك سوابق أزماته التي كادت تعصف بكيانه، وكانت نهايتها المؤسفة ترحيل عشرات الآلاف من مواطنيه".

ظلال الخوف

وألقت قرارات السلطة الموريتانية في شأن التحذيرات للمقيمين الأفارقة بظلالها على حياة عديد من هذه الجاليات، يايا عثمان أحد هؤلاء، فهو قادم من غينيا كوناكري ويعمل مشرفاً بإحدى ورش البناء في العاصمة نواكشوط، ولا يخفي قلقه من أن تطاوله موجة الإجراءات ضد المهاجرين وتتسبب في التضييق عليه.

ويعتقد عثمان أن "دخول بعض المهاجرين في أنشطة تخريبية يؤثر سلباً في حياة الآلاف من الراغبين في البقاء بموريتانيا، والتعايش والاندماج في المجتمع".

يايا الذي وصل العاصمة نواكشوط وهو في العشرين من العمر قبل ثماني سنوات، وأتيحت له فرصة التنقل بين المدن التاريخية الموريتانية للعمل في مشاريع عدة قال إنه "لن يشارك في أي تظاهرات، فسبق أن عاد لبلده وتزوج"، مشيراً إلى أن زوجته انتقلت للعيش معه في نواكشوط، وأنجب ابنتيه في العاصمة، كما تعمل هي الأخرى في البلد نفسه

أقريني أمينوه مراسل 

اندبندنت عربية

جديد الأخبار